الحق، وكونه لا إله إلا هو، وكونه رب العرش المستلزم لربوبيته لكل ما دونه، مبطلاً لذلك الظن الباطل، والحكم الكاذب ... فإن ملكه الحق يستلزم أمره ونهيه، وثوابه وعقابه، وكذلك يستلزم إرسال رسله، وإنزال كتبه، وبعث المعاد ليوم يجزى فيه المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته، فمن أنكر ذلك فقد أنكر حقيقة ملكه، ولم يثبت له الملك الحق، ولذلك كان منكراً لذلك كافرًا بربه، وإن زعم أنه يقر بصانع العالم، فلم يؤمن بالملك الحق الموصوف بصفات الجلال، والمستحق لنعوت الكمال).

وقال في موضع آخر: (وهو سبحانه يقرر المعاد بذكر كمال علمه وكمال قدرته، وكمال حكمته، فإن شبه المنكرين له كلها تعود إلى ثلاثة أنواع:

أحدها: اختلاط أجزائهم بأجزاء الأرض على وجه لا يتميز ولا يحصل معها تميز شخص عن شخص.

الثاني: أن القدرة لا تتعلق بذلك.

الثالث: أن ذلك أمر لا فائدة فيه. أو إنما الحكمة اقتضت دوام هذا النوع الإنساني شيئًا بعد شيء، هكذا أبدًا، كلما مات جيل خلفه جيل آخر، فأما أن يميت النوع الإنساني كله ثم يحييه بعد ذلك، فلا حكمة في ذلك، فجاءت براهين المعاد في القرآن مبنية على ثلاثة أصول:

أحدها: تقرير كمال علم الرب سبحانه وتعالى؛ كما قال في جواب من قال: (مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ): (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ)، وقال: (قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015