يعبد، وعبادته لغير خالقه قُبح، وشر محض.

وقال تعالى: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ).

قال ابن القيم: (فتأمل هذا الترديد والحصر المتضمن لإقامة الحجة بأقرب طريق، وأفصح عبارة، يقول تعالى: هؤلاء مخلوقون بعد أن لم يكونوا، فهل خلقوا من غير خالق خلقهم؟ فهذا من المحال الممتنع عند كل من له فهم وعقل أن يكون مصنوع من غير صانع، ومخلوق من غير خالق، ولو مر رجل بأرض فقر لا بناء فيها ثم مر فيها فرأى فيها بنيانًا وقصورًا وعمارات محكمة لم يتخالجه شك، ولا ريب أن صانعًا صنعها، وبانيًا بناها، ثم قال: (أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ)، وهذا أيضاً من المستحيل أن يكون العبد موحدًا خالقاً لنفسه، فإن من لا يقدر أن يزيد في حياته بعد وجوده، وتعاطيه أسباب الحياة ساعة واحدة، ولا أصبعًا وظفرًا، ولا شعرة كيف يكون خالقاً لنفسه في حال عدمه؟ وإذا بطل القسمان تعين أن لهم خالقاً وفاطرًا فطرهم فهو الإله الحق الذي يستحق عليهم العبادة والشكر، فكيف يشركون به إلهًا غيره وهو وحده الخالق لهم؟ ).

وقوله تعالى: (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ).

يقول ابن القيم: (فتأمل هذا البرهان الباهر بهذا اللفظ الوجيز البين، فإن الإله الحق لابد أن يكون خالقاً فاعلاً، يوصل إلى عابيه النفع ويدفع عنهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015