التوحيد، فإنه ما وقع في هذا النوع من الشرك إلا لما لم يقدر الله حق قدره نتيجة سوء الظن به سبحانه. قال تعالى: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ). فمن جعله سبحانه عين الموجوات فلم يقدر الله حق قدره.
قال الإمام ابن القيم: (وكذلك ما قدره حق قدره من لم يصنه عن نتن ولا حش ولا مكان يرغب عن ذكره، بل جعله في كل مكان، وصانه عن عرشه أن يكون مستوياً عليه ... ثم جعله في كل مكان يأنف الإنسان بل غيره من الحيوان، أن يكون فيه ... وكذلك لم يقدره حق قدره من جعل له صاحبة وولدًا، أو جعله سبحانه يحل في مخلوقاته، أو جعله عين هذا الوجود).
هكذا نرى أن سبب الشرك في الربوبية بالتعطيل في الغالب إنما هو نتيجة عدم قدر الله حق قدره، وسوء الظن به، ومن جانب آخر: الغلو في تقديس العقول، والآراء والأهواء السائدة في المجتمع وفي العباد والبلاد.
وبهذا يتضح لنا جلياً: توافق أسباب الشرك بين القديم والحديث في الربوبية بالتعطيل. فإننا عند استعراضنا لأسباب الشرك في القديم رأينا نفس هذين السببين هما اللذين أوقعا الناس في القديم في الشرك في الربوبية بالتعطيل.
وإذا نظرنا إلى أسباب الشرك بالأنداد في العصر الحديث سنرى أن الأسباب توافقت بين القديم والحديث، فإننا قد ذكرنا أن الغلو وإساءة الظن بالله هما اللذان أوقعا الناس في القديم في الشرك في إثبات الأنداد في الربوبية وفي الألوهية والعبادة.