والسعي في حظها، فإن الناصح لله المعظم له المحب له يجب أن يطاع ربه فلا يعصى، وأن يكون الدين كله لله، وأن يكون العباد ممتثلين أوامره مجتنبين نواهيه، فقد ناصح الله في عبوديته، وناصح خلقه في الدعوة إلى الله، فهو يحب الإمامة في الدين؛ بل يسأل ربه أن يجعله للمتقين إمامًا يقتدي به المتقون، كما اقتدى هو بالمتقين، فإذا أحب هذا العبد الداعي إلى الله أن يكون في أعينهم جليلاً وفي قلوبهم مهيبًا، وإليهم حبيباً لكي يأتموا به ويقتفوا أثر الرسول على يده لم يضره ذلك بل يحمد عليه؛ لأنه داع إلى الله يحب أن يطاع ويعبد ويوحد ... وهذا بخلاف طلب الرئاسة، فإن طلابها يسعون في تحصيلها لينالوا بها أغراضهم من العلو في الأرض، وتعبد القلوب لهم وميلها إليهم ومساعدتها لهم على جميع أغراضهم، مع كونهم عالين عليهم قاهرين لهم، فترتب على هذا المطلوب من المفاسد ما لا يعلمه إلا الله، من البغي والحسد والطغيان والحقد والظلم والفتنة ... ) إلى آخر ما قاله ابن القيم.