والسبب في ذلك: أنهم ماتوا على الكفر، والكافر لا يغفر الله له.
ومثل ذلك شفاعة إبراهيم صلى الله عليه وسلم في أبيه أن يدخله الله الجنة فلم تقبل شفاعته، وقد جاء في الصحيح مصرحًا هذا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((يلقى إبراهيم أباه فيقول: يارب، إنك وعدتني ألا تخزني يوم يبعثون. فيقول الله: إني حرمت الجنة على الكافرين)).
فالسبب في عدم قبول شفاعة إبراهيم عليه السلام مع عظيم منزلته عند الله هو كفر أبيه وأن الله لا يدخل من كان كافرًا الجنة.
ومثل ذلك أيضاً: شفاعة نوح صلى الله عليه وسلم في ابنه أن ينجيه الله من العذاب العام الذي حل بالقوم الكافرين الذين كذبوه وكان منهم ابنه، ولكن ما قبل منه، بل قال تعالى: (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ).
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (الشفاعة للكفار بالنجاة من النار والاستغفار لهم مع موتهم على الكفر لا تنفعهم ولو كان الشفيع أعظم الشفعاء جاهاً).
ولا يناقض ما سبق كونه صلى الله عليه وسلم يشفع في عمه أبي طالب، لأن شفاعته فيه ليست في إخراجه من النار ولو شفع في ذلك لعمه أبي طالب لم تقبل منه؛ لأنه مات على الكفر، كما لم يقبل شفاعته ودعاءه صلى الله عليه وسلم في أبويه. وإنما شفاعته لأبي طالب لتخفيف العذاب عنه.