شرع ذلك وأمر به؟ ومن الذي فعله من الأنبياء والصحابة والتابعين لهم بإحسان؟ ! فإن هذا المقام يحتاج إلى إثبات مقدمتين: إحداهما: أن هذه أسباب لحصول المطالب التي لا يقدر عليها إلا الله. والثانية: أن هذه الأسباب مشروعة لا يحرم فعلها ... ).
ولو سلمنا ـ جدلاً ـ أن الأموات والاستغاثة بهم سبب لقضاء الحاجات فإن قضاء هذه الحاجات لا يكون إلا سببًا كونياً فحسب، لا سببًا شرعيًا، وكم من الأشياء هي أسباب كونية للمنافع، ولكنها لما كانت محرمة في شرع الله، لم يصح كونها أسباباً شرعية، فلا يجوزت عاطي أي سبب إلا إذا علم أنه سبب شرعي وأمر مباح.
الشبهة الثامنة: شبهة الشفاعة أو شبهة الاستقلال:
وهي: أن الصالحين أحياءً وأمواتًا يشفون للمستغيثين بهم عند الله سبحانه وتعالى، والله عز وجل يقبل شفاعتهم فيهم فتقضى حوائجهم.
هذا حاصل تقرير المتصوفة لشبهة الشفاعة وهي في الحقيقة شبهة الواسطة. ولكن غيروا العبارة موهمين أنها من الأدلة لهم على ما يزاولونه، وقد سبق الرد على جوانب هذه الشبهة في الرد على الشبهة الثانية، وإنما يكتفي هنا ببيان معنى الشفاعة وهل يصح الاستدلال بها أم لا؟ .