والأحياء الغائبين لا يمكن صحته ولا يتصور وقوعه، لعدم قدرتهم على ذلك، فاحتمال الكسب والسبب هنا باطل من أساسه، يقول الآلوسي: (فإن قلت: إن للمستغاث بهم قدرة كسبية وتسببية، فتنسب الإغاثة إليهم بهذا المعنى ... قلنا له: إن كلامنا فيمن يستغاث به عند إلمام ما لا يقدر عليه إلا الله، أو السؤال بما لا يعطيه ولا يمنعه إلا الله، وأما فيما عدا ذلك مما يجري فيه التعاون والتعاضد بين الناس واستغاثة بعضهم ببعض ـ فهذا شيء نقول به ولا نمنعه ولا ننكره، ونعد منعه جنونًا، كما نعد إباحة ما قبله ـ وهو ما لا يقدر عليه إلا الله تعالى ـ شركًا. والعراقي ـ عامله الله بعدله ـ أورد نصوص المباح في الممنوع، واستدل بدلائل المشروع على غير المشروع ... وكون العبد له قدرة كسبية لا يخرج بها عن مشيئة رب البرية، فتحقق أنه لا يستغاث به ـ أي بالعبد ـ، ولا يتوكل عليه، ولا يلتجأ في ذلك إليه إلا بالله وعليه وإليه. فلا يقال لأحد ـ حي، أو ميت، قريب، أو بعيد ـ: ارزقني أو أمتني، أو أحي ميتي، أو اشف مريضي ... ).
أن الاستغاثة بالأموات عند إلمام الملمات على أن هؤلاء الأموات سبب في دفع المضرات وأنهم من الأسباب لجلب المنافع والخيرات هي بعينها عقيدة المشركين السابقين، فإن المشركين من كل أمة في كل قرن ما قصدوا من معبوداتهم وآلهتهم التي عبدوها مع الله إلا التسبب والتوسل والتشفع، ليس إلا، ولم يدعوا الاستقلال، والتصرف لأحد دون الله، ولا قاله أحد منهم سوى