الأول: أن الملوك لأجل جهلهم بحقائق الأمور وعدم جهلهم بأحوال الرعية ـ يحتاجون إلى وسائط من الأمراء والوزراء والندماء والوجهاء والعرفاء ليبلغوهم أحوال الرعية، ويرفعوا إليهم حوائجهم، بخلاف عالم الغيب والشهادة الذي لا تخفى عليه خافية، فمن ظن أن الله تعالى مثل الملوك فهو كافر.
الثاني: أن الملوك عاجزين عن تدبير أمورهم والقيام على حقوق رعاياهم ودفع أعدائهم، فهم في حاجة إلى أعوان وأنصار من الوزراء ليعينوهم في تدبير مملكتهم وسياسة رعاياهم وحفظ بلدانهم وأوطانهم؛ بخلاف رب الكائنات، الخالق، الحي، القيوم، القادر، المالك، الغني، القاهر، القوي، العزيز، فمن ظن أن الله تعالى مثل الملوك فهو كافر.
الثالث: أن الملوك ليسوا مريدين لنفع الرعية والإحسان إليهم ورحمتهم إلا بمحرك يحركهم من خارج، فاحتاجوا في ذلك إلى الشفعاء والنصحاء ينصحون ويشفعون عندهم للمضطرين والمكروبين من رعاياهم، ليقوموا بقضاءحوائجهم بهذا الترغيب والنصيحة والشفاعة.
بخلاف الله رب العالمين، الرحمن الرحيم، الرؤوف، الذي هو أرحم الراحمين، وأرحم بخلقه من أية والدة بولدها، ومن ظن أن الله تعالى مثل الملوك فقد كفر كفرًا مبينًا.
الرابع: أن الملوك مضطرون إلى قبول شفاعة أمرائهم ووزرائهم لحاجتهم إليهم في حفظ البلاد وسياسة العباد؛ فالملوك يقبلون شفاعتهم بإذنهم وبدون إذنهم لمن يرضون عنه ولمن يسخطون عليه، بخلاف رب الأرباب فإنه غني، حي، قيوم، لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل، وهو مالك الأكوان، ليس له لأحد فيها من شرك، ولا له