أحوال الرعية وحوائجهم من الوسطاء الذين يعينونهم على قضاء حوائجهم وإلى من يسترحمهم ويستعطفهم بالشفاعة، فاحتاجوا إلى الوسائط ضرورة لحاجتهم وعجزهم وضعفهم وقصور علمهم. فأما القادر على كل شيء، الغني بذاته عن كل شيء، العالم بكل شيء، الرحمن الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء؛ فإدخال الوسائط بينه وبين خلقه تنقص بحق ربوبيته وإلهيته وتوحيده، وظن به ظن السوء، وهذا يستحيل أن يشرعه لعباده، ويمتنع في العقول والفطر، وقبحه مستقر في العقول السليمة فوق كل قبيح).

والخلاصة: أن شبهة الوساطة التي يحتج بها المتصوفة لدعاء غير الله من الأنبياء والأولياء هي نفس الشبهة التي وقع بسببها أمام كثيرة في الإشراك بالله حيث دعوا الأنبياء والأولياء بحجة أنهم يتوسطون لهم إلى الله، وقد وصفهم الله تعالى بالمشركين لوقوعهم في دعاء غير الله من الأنبياء والصالحين، فكل من فعل مثل فعلهم فهو مثلهم، ويتناوله الحكم الذي حكم الله به على أسلافهم من عبدة القبور.

ثم إن الله سبحانه وتعالى أقرب إلينا من حبل الوريد، كما ذكره تعالى: (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)، فلا حاجة إلى الوسطاء بين الله وبين عباده، ولذا فقد أمر الله سبحانه عباده المؤمنين أن يدعوه ويطلبوا منه ما يريدونه رأساً بلا وسائط، فقال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015