مستمسكاً لطالب الحق بأن كل ما قيل بأنه ممنوع فيستصحب الأصل ولا ينتقل عنه إلا بدليل واضح بين حينئذٍ يكون التحريم خلاف الأصل فنحتاج إلى دليل ويكون الحكم بالنجاسة خلاف الأصل فنحتاج إلى دليل، قال المصنف رحمه الله تعالى (كل إناء طاهر ولو ثميناً يباح اتخاذه واستماله) هذه قاعدة صدرها بكل ومعلوم بأن كل من ألفاظ العموم (صيغه كل أو الجميع ... وقد تلا الذي التي الفروع) حينئذٍ يشمل كل ما أضيف إليه لفظ كل وهنا أضيف إلى لفظ إناء حينئذٍ يكون فيه عموم ووجه العموم أنه يشمل الإناء الصغير والإناء الكبير ويشمل الإناء الثمين وغير الثمين ويشمل الطاهر والنجس فقوله (كل إناء) حينئذٍ نقول هذه الكلية يدخل تحتها الإناء الكبير والإناء الصغير يدخل تحتها الثمين وغير الثمين يدخل تحتها الطاهر والنجس قوله (طاهر) هذه صفة لإناء حينئذٍ يكون قد أخرج النجس لأن ضد الطاهر هو النجس والطاهر هو المنزه من الأقذار فما كان نجساً لا يجوز استعماله لأن المصنف هنا حكم (يباح اتخاذه واستعماله) وخصص هذا الحكم بما كان طاهراً مفهومه أن ما لم يكن طاهراً حينئذٍ اتخاذه واستعماله إذ الأصل في النجاسة مجانبتها وعدم استعمالها (كل إناء طاهر) إذاً الطاهر أخر النجس والإناء الطاهر ما كان مصنوعاً من خشب أو جلد طاهر مباح أو صفر أو حديد أو نحو ذلك كذلك الذهب والفضة تعتبر من الطاهرات لكن للنص الخاص حينئذٍ جاء التخصيص بالتحريم إذاً (كل إناء طاهر) قال المصنف (ولو ثميناً) ثمين فعيل وهو صيغة مبالغة يعني كثير الثمن (ولو ثميناً) يعني ولو كان الإناء الطاهر ثمين يعني كثير الثمن فلا فرق بين الدنيء في سعره وبين ما كان ثميناً في سعره وقوله (لو) هذه إشارة خلاف يفهم منه وهو منسوب للشافعي أنه خالف في الثمين فقال الثمين لا يجوز استعماله دفع لهذا القول ولإدخال الثمين في المحكوم عليه وهو الإناء الطاهر قال المصنف رحمه الله تعالى (ولو ثميناً) إذاً قوله (ولو) هذه إشارة خلاف والمذهب حروف الخلاف ثلاثة عند الحنابلة (حتى) وهي للخلاف القوي و (إن) وهي للخلاف المتوسط و (لو) وهي للخلاف الضعيف هذا هو المشهور عند الحنابلة (حتى وإن ولو) إذا أرد أن يحكي الخلاف لكن الخلاف يتفاوت في نفسه بعضه قوي وبعضه متوسط وبعضه ضعيف فإذا أراد المصنف وغيره من الفقهاء الإشارة إلى الخلاف القوي قال حتى وإذا أراد الإشارة إلى الخلاف المتوسط قال وإن وإذا أراد الإشارة إلى الخلاف الضعيف قال ولو لكن هذا الاستعمال ليس متفق عليه وعند بعضهم لو للخلاف القوي عكس القول الأول حيث يستعملها للخلاف الضعيف وإن للمتوسط - فتفقا - وحتى للضعيف على كل إذا جاءت هذه الألفاظ الثلاثة فثَمَّ خلاف في المسألة والمخالف هنا هو الشافعي حيث ألحق الثمين بآنية الذهب والفضة بالتحريم والصواب أنه ليس ثَمَّ دليل يدل على تحريم الثمين وإنما جاء التنصيص على الذهب والفضة حينئذٍ يكون ما عداه على الأصل وعرفنا أن الأصل هو الإباحة وليس ثَمَّ دليل واضح بين يحرم ذلك قوله (ولو ثميناً) ثميناً بالنصب خبر لكان محذوفة مع اسمها ولو كان الإناء ثميناً قال ابن مالك رحمه الله تعالى (ويحذفونها ويبقون الخبر ... وبعد إن ولو كثيراً ذا اشتهر)