أو كان آخر غسلة زالت النجاسة بها) على المذهب لابد أن تعرف المذهب أنه طاهر غير مطهر والصحيح أنه من قبيل الطهور والخلاف هنا في مثل هذه المسائل المفردات والآحاد كالخلاف في بعض الأقيسة التي يذكرها الفقهاء قد يقال بأن هذا القياس صحيح وهذا قياس فاسد وليس كل ما ذكر من شروط القياس فهي يعتبر عند أهل الأصول بل بعضها ما هو موافق عليه وبعضها ما هو مردود على صاحبه وهنا نقول الطاهر ثابت ويحصر فيما ذكرناه وما عداه فمحل نظر ولذا صار الكلام في الطاهر كلام قليل ولو أكثر الفقهاء من الكلام فيه ثم من حيث النظر من استعمال المكلف كذلك يكون يسيراً لا كثيراً والأصل في الماء هو الطهور ولا تحكم بكونه طاهراً إلا بغلبت ظن أو يقين، ثم انتقل إلى النوع الثالث وهو النجس فقال رحمه الله تعالى وهذا محل إجماع النجس محل وفاق بين الفقهاء لا خلاف في النجس من حيث الجملة يعني في وجوده فالنجس ثابت وهو لا يرفع حدثاً ولا يزيل نجساً باتفاق وإنما يستثنى ماذا؟ يستثنى الماء المتغير بالنجاسة في محل التطهير وهذا الاستثناء يذكر في الماء الطاهر الماء الطاهر المتغير بالشيء الطاهر يعني إن كان محل التطهير يعني محل الغسل هذا مستثنى الماء لو وضعت فيه عجين وحركته وتغير به نحكم على الماء بكونه طاهراً لأنك أدخلت فيه بفعلك شيء وتغير به لكن لو جاء الماء على يدك وأنت تتوضأ ثم لاقا عجيناً فتغير به كل الماء لونه وطعمه ورائحته في الأصل نحكم عليه بكونه طاهراً لكن في محل التطهير نستثني هذه الحالة للضرورة لأن لو حكمنا عليه بكونه طاهرا ًوالطاهر لا يرفع حدث لو جدت مشقة على المكلفين حينئذٍ الطاهر الماء المتغير بشيء طاهراً قصداً في محل التطهير من أجل الضرورة كذلك الماء الذي يغسل به النجاسة تكون النجاسة على اليد فتغسلها يتغير الماء ما حكم الماء؟ هو ماء متغير بالنجاسة وهذا بالإجماع نجس لكن الإجماع ليس في هذه الصورة بل هذه الصورة مستثناه بالإجماع إجماع المتقدمين وقال بعضه هو نجس لكنه يتطهر به في هذا الموضع على جهة الخصوص فقط وما عداه فيبقى على الأصل، إذاً النجس لا يرفع به حدث ولا تزال به النجاسة الأول متفق عليه وهو أنه يرفع به حدث والثاني أنه لا تزال به النجاسة محل خلاف يرى بعض أهل العلم أنه تخفف به النجاسة وهو اختيار ابن تيمية رحمه الله تعالى والذي تدل عليه الأدلة هو أنه لا يستعمل مطلقاً فلا يستعمل لا في العادات ولا في العبادات حينئذٍ يكون ما خالف لطرفي الطهور والطاهر الطهور يستعمل في العادات والعبادات والطاهر في العادات لا في العبادات النجس لا في العادات ولا في العبادات، قال رحمه الله تعالى (والنجس) قسمان الأول مجمع عليه والثاني مختلف فيه وزاد المصنف قسماً ثالثاً داخل في القسم الثاني (ما تغير بنجاسة) (ما تغير) ما يعني ماء طهور أو طاهر لأن الكلام في الماء الذي يقابل النجس والماء الذي يقابل النجس هو الطاهر ثم هو قسمان طاهر مطهر وطاهر غير مطهر ولذلك من الحنابلة من قسم الماء إلى قسمين وهو يرى أن القسمة ثلاثية لأن العبرة هنا بالتقابل فإن قابل النجس بالطاهر دخل في الطاهر الطهور وإن قابل الطاهر بالطهور حينئذٍ انفصل كل منهما عن الآخر