المسائل المفرعة أكثرها لا دليل عليها فإذا نوزع من أثبت هذا الفرع لا يلزم منه أن ينسف الأصل من أصله بل يبقى الطاهر ثابت ثم نحصره فيما دلت النصوص عليه وهو ما تغير بما ذكره المصنف وأما ما جاءت به الأدلة من كونه يمنع من استعماله لكونه كذا وكذا حينئذٍ ننظر في الدليل إن دل الدليل على أن المنع هنا لكونه قد سلب الماء الطهورية فعلى العين والرأس وإلا رجعنا إلى الأصل وهو كون الماء طاهراً وما ذكره الفقهاء يكون رأياً مرجوحاً (أو رفع بقليله حدث) رفع حدث بقليله رفع يعني أزيل بقليله ما المراد ما دون القلتين لأنه إذا أطلق القليل كما هنا وهنا قال طهور يسير إذاً يسير وقليل بمعنى واحد عند الفقهاء (أو رفع بقليله) وهو ما دون القلتين ماء طهور رفع به (حدث) أي حدث كان يعني سواء كان بجميع الأعضاء أو كان ببعضها جميع الأعضاء هذا إنما يكون في غسل الجنابة البدن كله أو بعضها وهذا إذا كان رفع به حدث أصغر (أو رفع بقليله حدث) حينئذٍ يحكم بكون الماء قد سلب الطهورية وصار طاهراً في نفسه غير مطهر لغيره وهذا ما يسمى بالماء المستعمل الماء المستعمل، الماء المستعمل نوعان المستعمل في طهارة مستحبة كتجديد وضوء وغسل جمعة وغسلة ثانية وثالثة وقد سبق الكلام عنها بأنها طهور وهذا الاستعمال لا يسلبه الطهورية، ماء مستعمل في رفع حدث بأن يكون توضأ به لرفع الحدث أو اغتسل به لرفع الجنابة حينئذٍ هذا الماء يقال فيه ماء مستعمل والمراد بالماء المستعمل ليس الماء الباقي أو الذي يغترف منه للوضوء وإنما المراد بالماء المستعمل الذي يجري على العضو فلو غسل وجهه ثم تقاطر الماء وجمعه وجمع من يده ونحوها حينئذٍ نقول هذا الماء المستعمل على المذهب لكونه استعمل في رفع حدث حينئذٍ قولوا هذا سلبه الطهورية لماذا؟ قالوا لحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه (لا يغتسلن أحدكم في الماء الدائم وهو جنب) رواه مسلم، (لا يغتسلن) هذا نهي مؤكد فلولا أنه لا يفيد منعاً لم ينهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم هذا وجه الاستدلال لولا أنه لا يفيد منعاً لما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم (لا يغتسلن) لماذا قال لأنه اغتسل فيه جنب حينئذٍ استعمل في رفع حدث وخص الجنب دون غيره وفلكون النبي صلى الله عليه وسلم علل وقوله (وهو جنب) والجملة حالية حينئذٍ تكون تعليلاً علل الحكم هنا لكون ذلك المستعمل له قد استعمله في رفع حدث ما موقفك أنت قال (لا يغتسلن) لا يفهم من هذا النهي إلا لكونه أنه لا يرفع ونقول هنا كما قلنا هناك وهو أن الصحيح أن الماء طهور وليس بطاهر لأنه باق على أصله والأصل في الماء الطهور ولا يعد عنه لكونه طاهراً غير مطهر إلا بدليل ولا دليل هنا فنبقى على الأصل وأما هذا الحديث فهو كحديث (لا يبولن) ليس المراد به أن الماء قد تغير بنجاسة أو نحوها وإنما المراد لئلا يتوارد الناس في الاغتسال ثم قد يكون ما هو قذارة أو إفساد لنفسه أو لغيره إذاً هذا النوع نناقش فيه المصنف أنه باقي على أصله وهو أنه طاهر في نفسه مطهر لغيره، (أو رفع بقليله حدث أو غمس فيه يد قائم من نوم ليل ناقض لوضوء) هذا نوع من أنواع الطاهر وهو كما ذكرنا مبني على دليل ليس على أصل التغير وإنما بدليل