نكتفي بما جاء به النص ولا نقول بأنه يجوز التيمم مع وجود الماء ولا قائل به؛ لماذا؟ لأنه إنما جعل رخصة كذلك هنا في هذا الموضع قوله (ولا دلك) نقول فيه تفصيل فما جاء به النص - حينئذ - بقي على ما هو عليه، قال [(ولا دلك) ولو أسفل خف أو حذاء أو ذيل امرأة] والصحيح أنه يطهر في هذا الموضع وأما ما عداه فلا فلو وقعت نجاسة على ساعة مثلاً ودلكها بشيء ما بمنديل ونحوه هل تطهر؟ نقول لا؛ لماذا؟ لكونه لم يرد به نص وإنما نرجع إلى الأصل إن وقعت نجاسة أو حلت بذيل امرأة أو عباءة امرأة وهي ماشية - حينئذٍ - نقول إن مر على تراب طهره؛ لماذا؟ لورود النص لأن النجاسة وإن كانت مدركة من حيث الأصل وهي أن الحكم يدور معها وجوداً وعدماً إلا أن كيفية التطهير في الجملة تعبدي ولذلك لا يسأل لماذا يخص به الماء مع كون الخل يزيل النجاسة؟ بل نبقى على الأصل، قال (ولا استحالة) هذا النوع الرابع مما نفاه المصنف يعني لا يطهر متنجس باستحالة الاستحالة استفعال من حال الشيء عما كان عليه إذا زال وذلك مثل أن تصير العين النجسة رماداً أو وقع كلب كالمثال المشهور وقع كلب في مملحة ملح كثير وقع فيه كلب فصار الكلب ملح أين الكلب؟ لا يوجد عندنا كلب أين هو؟ استحال صار ملحاً ما حكم هذا المحل الذي صار من الكلب إن قلنا بأن الاستحالة مطهرة - حينئذٍ - صار الملح طاهراً وإن قلنا بأن الاستحالة غير مطهرة فالملح نجس المذهب عند الحنابلة أن الاستحالة لا تطهر ولذلك قال (ولا استحالة) يعني لا يطهر متنجس باستحالة فلو تغير كان عذرة مثلاً ثم صار رماداً إذاً هذا رماد ليس اسمه عذرة هذا ملح وليس اسمه كلب كان كلباً - حينئذٍ - زوال الاسم سقوط الاسم لم يسقط الحكم بقي الحكم على أصله وهو أنه نجس وهنا قال [وذلك مثل أن تصير العين النجسة رماداً أو غير ذلك كما لو أحرق سرجين فصار رماداً وكالدم إذا استحال قيحاً أو صديداً] على المذهب لا تعد من المطهرات ولذلك قال [فرماد النجاسة نجس ودخان النجاسة نجس وغبار النجاسة وبخار يعتبر من النجاسات] وفرق بين دخان النجاسة وبين النجاسة عينها وفرق بين النجاسة التي تجعل حطباً بين رمادها لأن الاسم تغير هل تغير الأسماء يسقط الأحكام؟ يعني تتبدل الأحكام بتغير الأسماء أم لا؟ هو هذا الذي وقع فيه النزاع لأن عندنا ماذا؟ عندنا كلب هو نجس إذاً عندنا اسم على مسمى على ذات كلب الحكم نجس، تغير الكلب ما صار كلب صار ملح هل يبقى الحكم أم يزول لتغير الأسماء؟ هذا محل خلاف والصحيح أن الأحكام تتبدل وتتغير بتغير أسمائها ولذلك قال ابن حزم [الأحكام للأسماء والأسماء تابعة للصفات التي هي حد ما هي فيه إذا زال الاسم زال الحكم] إذا كان الحكم تابعاً للاسم - حينئذٍ - نقول الحكم النجاسة تابع للكلب فإذا بقي الكلب كلب كما هو في صورته المعهودة فالحكم باقي وإذا تغير وزال وصف الكلب وهيئته إذاً سقط الحكم وعليه نقول الصحيح أن الاستحالة تعتبر من المطهرات، فالأصح أن الاستحالة مطهرة لأن هذه الأعيان المستحيلة لم تتناولها نصوص التحريم لا لفظاً ولا معنى وإنما جاء النص بكون الكلب نجساً إذاً نص الشارع على الكلب وهذا ليس بكلب هذا ملح - حينئذٍ - لابد من تغير الحكم