الأحاديث على النقض مطلقاً كما في حديث صفوان السابق فنحملها على الكثير في العموم ولأن نقض الوضوء بالنوم معلل بإفضائه إلى الحدث والكثير لا شك أنه أشد في الاحتمال من اليسير والقائم بمعنى القاعد لانضمام الدبر بمعنى أن القاعد يعني مع وجود مظنة خروج الريح إلا أنه مع يسير النوم وكونه قد وضع مقعدته على الأرض حينئذٍ خروج الريح من الدبر هذا فيه شيء من البعد كأنه متكئ على دبره فأغلقه لأن لا يخرج منه شيء وكذلك القائم لكونه منطبقاً بإليتيه على دبره كأنه أغلقها حينئذٍ الاحتمال وإن كان موجوداً إلا أنه فيه شيء من البعد فاستثني هاتان الحالتان وفيه نص كذلك وهو حديث بن عباس (فقمت إلى جنبه الأيسر فجعلت إذا أغفيت يأخذ بشحمة أذني) متفق عليه وهذا دل على أنه كان قائم في الصلاة، إغفاء والإغفاء عند كثير من أهل العلم هو جزء من النوم، إذاً المذهب أن النوم الأصل فيه أنه ناقض من نواقض الوضوء ويستثنى حالة واحدة وهي مركبة من شقين ما كان فيه النوم يسيراً وضبط هنا يكون للعرف بشرط أن يكون هذا اليسير وهو الضابط الثاني من قاعد أو قائم، ويعتبر حديث أنس (حتى تخفق رؤوسهم) مقيد لحديث صفوان وهو (ولكن من غائط وبول ونوم) (ونوم) هنا جاء مطلقاً ولكن يخص بحديث أنس هكذا قال المصنف رحمه الله تعالى، والصحيح أن النوم يعتبر ناقضاً في الجملة والمرد في ذلك بين كونه ناقضاً أو لا؛ إلى إدراك الحس بمعنى أن جعلنا النوم مظنة لو كان حدث بنفسه لقلنا مطلقاً هو ناقض كالريح والبول والغائط لكن جعلناه ماذا؟ جعلناه سبباً إذاً هو في نفسه ليس بناقض أولاً مادام أنه ليس في نفسه ناقضاً وإنما جعلناه مظنة للنقض فحينئذٍ ننظر إلى الإدراك وعدمه متى ما شعر بنفسه أنه لو خرج منه ريح لانتبه فليس بناقض قل أو كثر ومتى ما فقد ذلك فهو ناقض قل أو كثر لأن الناس يختلفون في قضية النوم ليست النسبة واحدة بين كل أحد فاليسير عند بعضهم قد يكون كثيراً عند آخر؛ منذ أن يغمض عينه فإذا به يذهب في الأحلام والرؤى ومتى ما رأى عند أهل العلم فهو كثير وليس يسير حينئذٍ نرده إلى إدراك الحس فمتى ما كان الإدراك إدراك خروج حس يشعر بنفسه معه باقي نقول هذا النوم ليس بناقض؛ لماذا؟ لأن علقنا الحكم هنا بالمظنة فارتفاع المظنة هنا مدرك بحسه وإذا لم يكن كذلك فجعلناه ناقضاً ولذلك إذا لم يكن مدرك لما يقول يدل على ذلك حديث (العين وكاء السهي فمن نام فليتوضأ) هذا تعليل واضح بين (العين) (وكاء السه) وكاء بكسر الواو الخيط تربط به القربة ونحوها والسهي المراد به الدبر وهو كناية على أن العين إذا كانت مفتوحة فالسه أو السهي يكون مربوطاً وإذا ذهبت العينان حينئذٍ السهي ينطلق واضح هذا وهذا إنما يكون مرده إلى الحس، إذاً النوم فيه تفصيل لا من حيث اليسير أو قاعد أو قائم وإنما من حيث الإدراك والشعور فمتى ما شعر أنه لم يخرج منه شيء فالأصل بقاء الطهارة ولا نحكم بنقض الوضوء وإذا شعر حينئذٍ حكمنا بنقض الوضوء، (مس ذكر متصل أو قبل بظهر كفه أو بطنه) هذا الناقض الرابع وهو مس الذكر ومس الذكر على المذهب وهو الصحيح أنه يعتبر من النواقض نواقض الوضوء (ومس الذكر) [نقض مطلقاً] يعني سواء ذكر نفسه أو غيره