قيل ما هو الوضوء؟ أن تأخذ الماء وتغسل كفيك إلى آخر الوضوء حينئذٍ لا يحتاج إلى تعريف ولكن يذكر استعمال طهور بمعنى أن الطاهر لا يجزئ في الطهارة لأن الطاهر هذا لا يستعمل في العبادات وإما يستعمل في العادات كما سبق يعني لا يرفع الحدث وإنما رفع الحدث محصور في الماء الطهور ثم قيده بعضهم بأنه مباح فالماء الطهور المغصوب أو المسروق أو الموقوف للشرب كما ذكرنا سابقاً لا يجزئ في الوضوء في الأعضاء الأربعة الوجه واليدان والرأس والرجلان على صفة مخصوصة يعني في الشرع بأن رتب ووالى وقدم وأخر حينئذٍ يأتي بيانها في موضعها، قال المصنف رحمه الله تعالى (فروضه ستة) مما يأكد أن الفقهاء يفرقون بالاستعمال بين الفرض والواجب سبق أن المصنف يرى أن التسمية واجبة (وتجب التسمية في الوضوء مع الذكر) وهنا لم يذكر التسمية مع أنها واجبة في المذهب وإنما أراد ما هو آكد وما هو مجمع عليه وهو داخل في حقيقة الماهية (وفروضه ستة) باستقراء الأدلة على المذهب وبعضهم يجعلها أربعة بإسقاط الموالاة والترتيب حينئذٍ يقتصر على الأعضاء الأربعة الوجه واليدان والرأس والرجلان الوجه بما فيه المضمضة والاستنشاق والرأس مسحه واليدان والرجلان (فروضه ستة) باستقراء الأدلة وآية المائدة ظاهرها ذلك (غسل الوجه) يعني الأول من هذه الفروض (غسل الوجه) والغسل في الأصل من غسل الشيء سال بالفتح وإذا أطلق الغسل في لسان العرب ينصرف إلى الغسل بالماء ولذلك جاء قوله (فاغسلوا وجوهكم) ولم يذكر الماء حينئذٍ (فاغسلوا وجوهكم) هل نقول حذف الماء الذي يغسل به من أجل التعميم؟ قل لا ليس هذا المراد ولا يقول به عاقل وإنما إذا أطلق الغسل في لسان العرب انصرف إلى الماء حينئذٍ لم يذكر الغسل في آية المائدة (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم) إلى آخره لأن الغسل لا يكون إلا بالماء فلا يحتاج أن يقال فاغسلوا وجوهكم بالماء لو قيل بالماء يصح لغة لكنه يكون من باب التأكيد، (غسل الوجه) مأخوذ من المواجهة الوجه سمي بذلك؟ لأنه يواجه به وجمعه وجوه (غسل الوجه) لقوله تعالى (فاغسلوا وجوهكم) (فاغسلوا) هذا أمر والأمر يقتضي الوجوب ومحل الوجوب هنا الوجه قال (فاغسلوا وجوهكم)، (والفم والأنف منه) بمعنى أن المضمضة والاستنشاق داخلان في مفهوم الوجه ولذلك قال (والفم والأنف منه) أي من الوجه لأنه مما تحصل به المواجهة حينئذٍ يعبر بهذا القول بأن الفم والأنف منه يعني من الوجه يعبر عن ذلك بالمضمضة والاستنشاق والمذهب عند الحنابلة وهو الصحيح وجوب المضمضة والاستنشاق في الطهارتين الصغرى والكبرى هذا هو الصحيح الذي دلت عليه السنة (والفم والأنف منه) أي من الوجه لماذا؟ لدخولهما في حده قد قال الله تعالى (فاغسلوا وجوهكم) ولا شك أن الفم والأنف مما تحصل به المواجهة حينئذٍ نقول الأصل دخول الفم والأنف في مفهوم الوجه وإخراجه هو الذي يحتاج إلى دليل ليس العكس لا نطالب من قال بالوجوب الأصل داخل فيه من قال بالسنية هو الذي يطالب بالدليل إذاً الصحيح أن المضمضة والاستنشاق داخلان في مفهوم الوجه حينئذٍ يكون مأموراً به لقوله تعالى (فاغسلوا وجوهكم) هذا أمر والمر يقتضي الوجوب وهذا محل إجماع الذي هو غسل الوجه بالجملة محل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015