والقراءةَ بها، وأثبتم الأحكامَ بها، فلماذا لا تقرأونها على العامَّة؟

فالجواب أنَّ هديَ الصَّحابة رضي الله عنهم ألا تُحدِّثَ النَّاسَ بحديث لا تبلغه عقولُهم، كما في حديث عليٍّ رضي الله عنه: «حَدِّثوا النَّاس بما يعرفون ـ أي: بما يمكن أن يعرفوه ويهضموه وتبلغه عقولُهم ـ أتحبُّونَ أن يُكذَّبَ اللَّهُ ورسولُه؟» (?) لأنَّ العاميَّ إذا جاءه أمرٌ غريبٌ عليه نَفَرَ وكَذَّبَ، وقال: هذا شيء مُحَال. وقال ابنُ مسعود: «إنك لا تُحدِّث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولُهم إلا كان لبعضهم فتنة» (?) وصَدَقَ رضي الله عنه، فلهذا نحن لا نحدِّثُ العامة بشيء لا تبلغه عقولُهم؛ لئلا تحصُلَ الفتنة ويتضرَّرَ في عقيدته وفي عَمَلِهِ.

ومِن ذلك أيضاً: ما يكثُر السُّؤال عنه من بعض الطَّلبة، وهو: أنه ثَبَتَ عن النبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أنه لما قرأ قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا *} [النساء] أنَّه وَضَعَ إبهامَه وسبَّابته على أُذُنِهِ وعلى عينِهِ (?). فقال: هل يجوز أن أفعل مثل هذا؟

فجوابنا على هذا أنْ نقول: لا تفعلْه أمامَ العامَّة؛ لأن العامَّة ربَّما ينتقلون بسرعة إلى اعتقادِ المشابهة والمماثلة؛ بخلاف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015