وينبغي أن يأتي إليها بسكينةٍ ووَقَار، سكينة في الألفاظ والحركة، ووقار في الهيئة، فلا يأتي إليها وهو منزعجٌ، أو يمشي مشية الإِنسانِ الذي ليس بمنتظم، بل يكون وَقوراً؛ لأنه مُقبلٌ على مكانٍ يقفُ فيه بين يدي الله عزّ وجل. ونحن نعلم أن الإنسان لو أقبل على قصر مَلِكٍ مِن الملوك؛ لوجدته يتهيَّأ، وينظر كيف وجهه؟ وكيف ثوبه؟ ويأتي بسكينة ووَقار، ويظهر عليه ذلك، فكيف بمن يأتي إلى بيت الله عزّ وجل ليقف بين يديه؟ فلا يسرع حتى وإن خاف أن تفوته الصلاة؛ لأن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا سمعتم الإِقامة فامشوا إلى الصَّلاةِ؛ وعليكم السَّكينةُ والوَقارُ؛ ولا تسرعوا» (?). فما أدركت فصلِّ وما فاتك فأتم؛ لأن هذا هو حقيقة الأدب مع الله عزَّ وجلَّ.
ثم إذا حضرت المسجدَ فصَلِّ ما تيسَّرَ لك، فإن كان قد أذَّنَ فإنه يمكنك أن تُصلِّي الرَّاتبةَ؛ إذا كانت لهذه الفريضة راتبةٌ قبلَها، وإن لم يكن لها راتبة قبلها فسُنَّة ما بين الأذانين؛ لأن بين كلِّ أذانين صلاةً، وتجزئ هذه الصلاة ـ أعني: سُنَّة ما بين الأذانين أو الراتبة ـ عن تحيَّة المسجد؛ لأن قول الرَّسول عليه الصلاة والسلام: «إذا دَخَلَ أحدُكم المسجد فلا يجلس حتى يُصلِّيَ ركعتين» (?). يَصْدق بما