أَخْبَرَه ثِقَةٌ بِيَقِينٍ، ..........

قوله: «فَإنْ أَخْبَرَه ثِقَةٌ بِيَقِينٍ»، شرع المؤلِّف في بيان ما يُستدلُّ به على القِبْلة. فذكر أشياء:

الأول: خبرُ ثقة؛ لكن عن يقين، فلو أخبره ثقة بيقين ـ رَجُل أو امرأة ـ أن هذه هي القِبْلة، لَزِم الأخذ بقوله.

والثقة: تستلزم العدالة والخبرة، فإن لم يكن عدلاً فليس بثقة؛ لقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] فأوجب الله سبحانه وتعالى أن نَتَبَيَّن، وأن نتثبَّت في خبر الفاسق، ولم يوجب ردَّه مطلقاً؛ ولا قَبُوله مطلقاً، فإذا قال لنا إنسانٌ فاسقٌ: القِبْلة هنا، وإنْ كان ذا خبرة، فإننا لا نعمل بقوله؛ لأنه ليس بعدل، وكذلك إذا قال لنا إنسانٌ عدل ظاهراً وباطناً صاحب عبادة وزهد وورع: هذه هي القِبْلة، ولكنه ليس ذا خبرة، فإنَّنا لا نأخذ بقوله؛ لعدم الثِّقة بقوله؛ لكونه ليس ذا خبرة.

وأفاد المؤلِّف بقوله: «فإن أخبره ثقة» أنه لا يُشترط التَّعدد، يعني: لا يُشترط أنه يخبره ثقتان، وهذا بخلاف الشَّهادة؛ لأن هذا خبر ديني فاكتُفيَ فيه بقول الواحد، كما نعمل بقول المؤذِّن بدخول الوقت.

وأفادنا أيضاً بقوله: «ثقة» أنه لو كان المخبر امرأة يُوثق بقولها؛ لكونها عدلاً وذات خِبرة، فإننا نأخذ بقولها.

والعِلَّة: أن هذا خبر ديني فيُقبل فيه خبر المرأة كالرِّوَاية، فإنَّا نقبل فيها قول المرأة إذا كانت عدلاً حافظة.

وقول المؤلِّف: «بيقين»، أي: بأن أخبره عن مشاهدة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015