وكلُّ شيء يغيظ الكافر فإنه يُرضي الله عزّ وجل، وكلُّ شيء فيه إكرام للكافر فإنه يُغضبُ الله عزّ وجل؛ لأن إكرام الكافر معناه إظهار الإكرام لمن أهانه الله، وهذه مراغمة لله عزّ وجل، ولهذا قال النبيُّ عليه الصَّلاة والسَّلام في اليهود والنَّصارى: «لا تَبْدَؤوا اليهودَ ولا النَّصارى بالسَّلام، وإذا لقيتم أحدَهُم في طريقٍ فاضْطَرُّوهُ إلى أضيقِهِ» (?)، فإذا تقابل المسلمون والكُفَّار في الطَّريق فلا بُدَّ أن يتمايز بعضُهم عن بعض، فهل نحن نتمايزُ حتى يَجتازوا؟ فالجواب: لا، بل نبقى نحن صامدين ونجعل الضِّيق عليهم، فهم الذي يتمايزون، وهذا معنَى الحديث، وليس معنى الحديث أن الإنسان إذا رأى الكافر ضايقه حتى يكون على الجدار، هذا لم يكن معروفاً في عهد الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام، ولا أراده النبيُّ عليه الصَّلاة والسَّلام.
فكلُّ شيء فيه إكرام الكافر فإنه حرام لا يجوز، ولهذا قال الله عزّ وجل: {وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [التوبة: 120]. وقال في وصف النبيِّ عليه الصَّلاة والسَّلام وأصحابه: {يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [الفتح: 29].