بعضهم بأن المرافق داخلة في الغسل في قوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6]؛ لأنها لم تذكر «من»، فلما قال: إلى المرافق بدون ذكر ابتداء الغاية، صارت الغاية داخلة.
وينبغي أن يقال: إن مسألة الإقرارات يرجع فيها إلى العرف لا إلى ما تقتضيه اللغة؛ لأن الإقرارات مبنية على ما يتعارفه الناس في عاداتهم ونطقهم، وقد سبق لنا في كتاب الأيمان وفي كتاب الوصايا أن العرف مقدم على الحقيقة اللغوية، فإذا كان عرف الناس أنه إذا قال: له ما بين درهم إلى عشرة، يعني ثمانية، فإنه يلزمه ثمانية، وإذا قال: ما بين درهم إلى عشرة، يعني أنه لا يدري فهو من ريال إلى عشرة، فهنا لا يلزمه إلا ما عيَّنه المتكلم، وهذه تقع كثيراً، يقول: أنا لست متأكداً، فإنه يجب له علي شيء، لكنه من ريال إلى عشرة، فقد يكون ريالاً، ريالين، ثلاثة، أربعة، خمسة، ستة، سبعة، ثمانية، تسعة، أو عشرة، فيرجع في هذا إلى العرف، ولهذا لو أراد مجموع العدد في قوله: من درهم إلى عشرة لزمه خمسة وخمسون، فصارت المسألة الآن مبنية على ما يراد، وعلى ما جرى به العرف، فعندنا ثلاث مراتب، ما أراده، وما جرى به العرف، ثم بعد ذلك الحقيقة اللغوية، وهذا هو الصحيح في هذه المسائل.
قوله: «وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ أَوْ دِينَارٌ لَزِمَهُ أَحَدُهُما» لأن «أو» للشك لم تعين أحد الأمرين، فيرجع في التعيين إلى نفس المقر، مثاله: سئل رجل: ما الذي يطلبك فلان؟ قال: ما أدري، إما درهم أو دينار، نقول: يرجع في التعيين إلى المقر، ومن