زاد على الثلث ثبت الإقرار، مثال ذلك: قال: أشهدكم بأن نصف مالي لفلان، وهو غير وارث، فظاهر كلام المؤلف أن ذلك صحيح، وذهب بعض أهل العلم إلى أن إقراره بما زاد على الثلث لا يصح، كما أنه لو أقر لوارث لم يصح؛ وذلك بناء على أن الوصية بما زاد على الثلث لا تصح، وللوارث لا تصح، فالإنسان في مرض موته المخوف ممنوع من التصرف أو التبرع بما زاد على الثلث.
ولكن ما ذهب إليه المؤلف أولى؛ لأن الإنسان ربما يكون في حياته وفي صحته جاحداً لما يجب عليه لشخص من الناس، فإذا رأى أن الأجل قريب تاب إلى الله وأقر، ولنفرض أن هذا الرجل قد عقد مشاركة مع شخص مناصفة، ثم إن الرجل أنكر الشركة، ولما مُرِضَ مرض الموت ندم وتاب وأقر بشركة هذا الرجل، وهذا أمر واقع، فما ذهب إليه المؤلف من صحة الإقرار لغير الوارث مطلقاً صحيح، إلا إذا علمنا بقرينة قوية أن الرجل أراد حرمان ورثته، فحينئذٍ نقول: ما زاد على الثلث لا ينفذ، مثل أن يكون ورثته بني عمه، وبينه وبين بني عمه عداوة، وله صديق حميم، رجل طيب، وماله مائة ألف، فقال: أشهدكم بأن تسعة وتسعين ألفاً وتسعمائة وتسعة وتسعين لفلان صديقي، فهذا الرجل يظهر من إقراره حرمان الورثة، أولاً: لأنه ما أبقى من المائة ألف إلا ريالاً واحداً، ثانياً: لأنه معروف أن بينه وبين بني عمه عداوة وشحناء وبغضاء، ففي هذه الحال نقول: لا يصح الإقرار إلا بالثلث فقط؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم منع سعد بن أبي وقاص