مثل: إذا أُعطي شيئاً يتصرف فيه ببيع من الأمور التي جرت العادة بأنه يتصرف فيها، كالتصرف في الدجاجة ـ مثلاً ـ، والبيضة، والشيء اليسير، فالإقرار هنا يصح؛ لأنه واقع ممن يصح منه العقد فصح الإقرار به، فإطلاق المؤلف ـ رحمه الله ـ كلمة «مكلف» فيه شيء من النظر، وقد يقال: إن صحة تصرف الصغير بما ذُكر لا يمنع من الإطلاق؛ وذلك لأنه مفهوم، والمفهوم كما يقولون: ليس له عموم؛ لأن قوله: «من مكلف» مراده مَنْ يصح منه، فمفهومه أن غير المكلف لا يصح، وحكم المخالفة يصدق بصورة واحدة، فإذا وجدت صورة واحدة يصدق عليها حكم المخالفة فلا ضرر، المهم أن هذا النقاش يتعلق بأصول الفقه، وهو أن يقال: مفهوم قول المؤلف «من مكلف» أن غير المكلف لا يصح إقراره، فيشمل المجنون والصغير، أما المجنون فلا استثناء فيه، وأما الصغير ففيه استثناء.
فإذا قال قائل: إذا كان فيه استثناء، فلماذا لم يستثنِ المؤلف؟ فالجواب من وجهين: إما أن يقال: بأن المفهوم لا عموم له، ويصدق حكمه بصورة واحدة، فإذا وجدت صورة واحدة يختلف فيها الحكم عن المنطوق كفى، أو يقال: إن المؤلف أطلق؛ لأن الأمر معلوم بأن من صح تصرفه في شيء صح إقراره به وعليه، وقد مَرَّ علينا في كتاب البيع أنه يصح البيع من صغير بما جرت به العادة كالأشياء اليسيرة.
قوله: «مختار» هذا الشرط الثاني، وضده المكره، فلا بد أن يكون المقر مختاراً لإقراره ولما أقر به، فإن كان أقر باختياره