فالذي له خطر يعني المال الكثير، فالقصاص، والسرقة، وما أشبه ذلك، هذا الذي له خطر، أما الشيء اليسير فلا تغليظ فيه.
وقال بعض أهل العلم: حيث رأى القاضي التغليظ غلظ، وحيث لم يرَ التغليظ لم يغلظ، يعني أن المسألة ترجع إلى اجتهاد القاضي، فقد يرى التغليظ؛ لأن هذا المنكر رجل مبطل لا يهمه أن يقول: والله ليس له علي شيء، لكن لو غلظنا عليه ربما لا يحلف ويتراجع، وربما يرى القاضي عدم التغليظ؛ لأن المنكِر رجل صدوق، لا يمكن أن يقول: ليس عندي شيء حتى وإن لم يحلف إلا وهو صادق، والصحيح أن هذا يرجع إلى اجتهاد الحاكم، فإن رأى التغليظ غلظ وإلا فلا.
والتغليظ يكون بالصيغة، والزمان، والمكان، والهيئة على القول الراجح.
بالزمان بعد العصر، وقيل: بين الأذان والإقامة، لكن الصحيح أنه بعد العصر لقوله تعالى: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاَةِ} [المائدة: 106]، أي: بعد صلاة العصر.
والتغليظ في المكان: في المسجد الحرام قالوا: بين الركن والمقام، وفي بيت المقدس، قالوا: عند الصخرة، وفي بقية المساجد عند المنبر؛ لأنه المكان الذي يعلن فيه الذكر والدعوة إلى الله، ولكن شيخ الإسلام يقول في بيت المقدس: إنه كغيره يكون عند المنبر، وأن الصخرة ليس لها حرمة في حد ذاتها، وأن أصل تعظيمها من النصارى؛ لأن الذي احتله أساء فيه، فلما انتصر عليه الآخر ذهب يعظم هذه الصخرة، ويزيل عنها الأذى