لا أحلف، فلا نقضي عليه، ولا نقول: يجب أن تعطي الزكاة؛ لأن هذا حق الله، والإنسان عبادته بينه وبين ربه، وهذه هي القاعدة العامة: أن ما كان من حقوق الله فلا استحلاف فيه وما كان من حقوق الآدميين ففيه استحلاف. وهناك شيء متردد بين حق الله وحق الآدمي، وهذا فيه خلاف بين العلماء في الغالب.
واليمين في الدعاوى هل هي لفصل الخصومة، أو للبراءة من الحق؟ سبق لنا أنها لفصل الخصومة، وأن المنكر لو حلف ثم أقام المدعي بينة حكم له ببينته، ولم تكن اليمين مزيلة للحق، فهي إذن تقطع الخصومة فقط.
قوله: «لا يستحلف في العبادات» الأصل أن جميع العبادات لا يستحلف فيها، فلو قيل لشخص: أنت ما صليت، قال: صليت، فلا نحلِّفه؛ لأن هذا لحق الله، أو قيل لإنسان: أنت صمت؟ قال: نعم، قلنا: ما صمت، قال: بل صمت، فلا نحلِّفه، وفي الزكاة كذلك، قلنا: أديت الزكاة؟ قال: أديتها، فلا نحلفه، وهل نقول: إلى مَنْ أديت؟ الجواب: لا، لكن إن قال: أديتها إلى فلان، ونحن نعلم أنه غني في ذلك الوقت نقول: ردها منه.
قوله: «ولا في حدود الله» أيضاً ما يحلف الإنسان فيها، والمراد بحدود الله ما يوجب الحد، فلو قيل لشخص: أنت زنيت، فقال: ما زنيت، فلا نقول: احلف؛ لأنه لو لم يحلف لم نحُدَّه؛ لأننا لا نحده حتى يقر، ويبقى على إقراره إلى أن يقام عليه الحد.