«ولا تقبل الشهادة على الشهادة إلا في حق يُقبل فيه كتاب القاضي إلى القاضي» هذا الشرط الأول، فيشترط للشهادة على الشهادة أن تكون فيما يقبل فيه كتاب القاضي إلى القاضي، وقد سبق أن كتاب القاضي إلى القاضي لا يكون إلا في حقوق الآدميين، أما حقوق الله كالحدود فلا يقبل أن يكتب القاضي إلى القاضي، وسبق ـ أيضاً ـ هناك أن القول الراجح صحة كتاب القاضي إلى القاضي حتى في الحدود، وأن هذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وإذا كان هذا فرعاً على ذاك فيكون الصحيح هنا صحة الشهادة على الشهادة في الحدود وغيرها، فلو أن رجلاً شهد بقذف، شهد أن فلاناً قذف فلاناً فقال: أنت زانٍ، وأراد أن يحمل غيره هذه الشهادة فلا تقبل على المذهب؛ لأنه لا يقبل فيه كتاب القاضي إلى القاضي، ودليل ذلك قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ: «ادرؤوا الحدود بالشبهات» (?)، ولكن سبق في كتاب الحدود أن هذا الحديث فيه مقال، وأن الشبهات التي أمر بدرء الحدود فيها هي التي يشتبه في ثبوت مقتضى الحد، وأما أنها كل شبهة فلا.