والحكمة أن التعامل بها أكثر المعاملات، ولو نسبت المعاملات في الأنكحة إلى المعاملات في البيوع لوجدت البيوع أكثر بلا شك، ولهذا من حكمة الله ـ عزّ وجل ـ ورحمته أنه وسع البيِّنة في الأموال لكثرة تلبس الناس بها.

قوله: «رجلان أو رجل وامرأتان أو رجل ويمين المدعي» ثلاثة أنواع من البينات: رجلان، أو رجل وامرأتان، أو رجل ويمين المدعي، والدليل قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] أما رجل ويمين المدعي فلحديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قضى النبي صلّى الله عليه وسلّم بالشاهد ويمين المدعي (?)، وحكم الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ حكم ودليل؛ لأنه مشرِّع ـ عليه الصلاة والسلام ـ.

وهل يقدم الشاهد أو تقدم اليمين؟ يقدم الشاهد فنقول للمدعي: أحضر الشاهد، فإذا شهد نقول: احلف، فلو حلف قبل إحضار الشاهد لم يجزئ، وإنما كان الأمر كذلك؛ لأنه إذا أتى بشاهد فنصاب الشهادة لم يتم، لكن ترجح جانب المدعي بإحضار هذا الشاهد، ولما ترجح جانبه صارت اليمين في جانبه؛ لأن اليمين إنما تشرع في جانب أقوى المتداعيين، ولهذا سبق في القسامة أن اليمين تكون في جانب المدعي؛ لأن معه قرينة ظاهرة تدل على صدقه، فهذه ثلاثة أنواع من البينات كلها تثبت الدعوى في المال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015