سبحان الله، يريدون أن يقوم، وقال آخرون: سبحان الله، يريدون أن يجلس، قال العلماء: يسقط قولهما جميعاً، ويرجع الإمام إلى ما في نفسه، وهنا لما تعارضت البينتان تساقطتا، فقلنا للخارج: نلغي بينتك وللداخل نلغي بينتك، ويبقى اليمين على من أنكر، فيحلف المدعى عليه بأنها له ولم ينتقل ملكه عنها، وتكون له.
وأجابوا عن قول الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ: «البينة على المدعي واليمين على من أنكر» أن هذا يقتضي أنه ليس للمدعى عليه بينة، ولو أخذنا بظاهر الحديث لقلنا في المسألة التي ذكرتم: إنه إذا كان للمدعى عليه بينة سقطت اليمين.
نقول: هذا لا يصح؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم جعل اليمين على المدعى عليه، وأنتم تقولون: إذا كان له بينة لا حاجة لليمين، فتبين أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ أراد دعوى فيها بينة للمدعي، وليس فيها بينة للمدعى عليه، وحينئذٍ ما يبقى إلا اليمين إذا لم يكن لديه بينة. ولم يُرد الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ إذا تعارضت البينتان، فإن مقتضى الشرع القيام بالعدل، والقيام بالعدل أن نقول: كل بينة عارضت الأخرى أسقطتها، فيبقى كأن الرجلين ليس معهما بينة، وحينئذٍ نرجع إلى الأصل، ونقول للمدعى عليه وهو الداخل: احلف، فإذا حلف قُضي بأن العين التي بيده له، وألغيت الدعوى.
وهذا القول عليه كثير من أهل العلم، وهو أقرب في النظر من الأول، بقي أن يقال في دعوى أنه انتقل الملك: الأصل عدم الانتقال، وحينئذٍ تبقى العين في يد المدعى عليه مع اليمين.