إذاً لا تصح الدعوى إلا من جائز التصرف، وكذلك الإنكار، وغير جائز التصرف يقوم وليه مقامه.
قوله: «وإذا تداعيا عيناً بيد أحدهما فهي له مع يمينه، إلا أن تكون له بينة فلا يحلف» مثال ذلك: رجلان تداعيا عيناً كل واحد منهما يقول: هي لي، وهي بيد أحدهما فهي له بيمينه، إلا إذا كان له بينة فإنه لا يحلف اكتفاء بالبينة، مثال ذلك: ادعى زيد على عمرو أن المسجل الذي معه له، فقال: عمرو ليس لك، والعين بيد عمرو، فنقول: هي لك بيمينك، فإذا حلف وقال: والله إن هذا المسجل لي وليس لفلان فهو له، إلا إذا كان عنده بينة فلا حاجة لليمين؛ لأن البينة أقوى من اليمين، ولا يرد الأضعف على الأقوى بل يدخل فيه، وحينئذٍ يكتفى بالبينة.
وقد يقول قائل: كيف يعمل بالبينة وهو مدعى عليه، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «البينة على المدعي واليمين على من أنكر» (?)، فجعل البينة في جانب المدعي وجعل اليمين في جانب المدعى عليه؟
فالجواب أن يقال: الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال هذا اكتفاءً بأدنى موجب ومثبت وهو اليمين؛ لأنه لما كانت العين بيده ترجح جانبه فاكتفي فيه باليمين، فإذا وجد ما هو أعلى وهو البينة اكتفي بها.