ـ عزّ وجل ـ؛ لأن تقوى الله وصية الله ـ سبحانه وتعالى ـ للأولين والآخرين: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء: 131]؛ ولأن في تقوى القاضي لله عزّ وجل تيسيراً لأمره، وتسهيلاً لمهمته، لقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق]؛ ولأن في تقوى القاضي لله ـ عزّ وجل ـ سبباً لمعرفة الحق، ومعرفة المحق لقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ *} [الأنفال] والقاضي محتاج إلى ذلك، ولأن في تقوى القاضي لله ـ عزّ وجل ـ سبباً لأن يجعل الله له من كل همٍّ فرجاً، قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2، 3] فمن ثَمَّ قلنا: إنه ينبغي للإمام أن يكتب في تسطير التولية، أو أن يصدر وثيقة التولية بالأمر بتقوى الله ـ عزّ وجل ـ.
قوله: «وأن يتحرى العدل» تحري العدل من تقوى الله ـ عزّ وجل ـ، لكن عطفه على التقوى من باب عطف الخاص على العام؛ لأهمية العدل في باب الحكومة؛ لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: 58].
قوله: «ويجتهدَ في إقامته» لأنه ليس كل من تحرى العدل وعرف العدل يقيم العدل، إذاً يأمره بأمرين: الأول: تحري العدل، الثاني: الاجتهاد في إقامته.
والعدل يشمل أمرين: العدل في الحكم، والعدل في المحكوم عليه.