وقسم ثالث: أخذ بالسياسة، وهي رعاية المصالح التي لا تخالف الشرع، مع أننا نقول: لا يمكن لأي شيء يسمى مصالح أن يخالف الشرع، بل كل ما خالف الشرع فهو مفسدة، لكننا نقول ذلك من حيث يتراءى للناظر أن هذا مصلحة، ويخفى عليه أنها داخلة في الشرع.
فالسياسة الداخلية يجب على الإمام أو الخليفة أن ينظر إلى ما فيه المصلحة فيتبعه.
أما السياسة الخارجية فهي معاملة غير المسلمين، وله معهم مقامات أربعة: عهد، وأمان، وذمة، وحرب.
أولاً: الحربيون وأمرهم ظاهر، يجب عليه أن يقاتلهم حتى يكون الدين لله عزّ وجل، بأن يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، ولا فرق في ذلك على القول الراجح بين أهل الكتاب وغيرهم، فأما قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة:29]، فإن هذا لا يمنع أن يتعدى الحكم إلى غيرهم، لا سيما أنه قد ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أخذ الجزية من مجوس هجر (?)، وثبت في صحيح مسلم (?) أن