فهي بالغة عاقلة، ولهذا فرَّق المؤلِّف فقال: «ثم كُلِّفَ، وطَهُرَت»، أي طَهُرَت الحائض. وفي هذا لَفٌّ ونشرٌ مرتَّبٌ.
فقوله: «ثم كُلِّف»، عائد على قوله: «ثم زال تكليفُه».
وقوله: «طَهُرت»، عائد على قوله: «أو حاضت»، فاللفُّ والنَّشر هنا مرتَّبٌ، ومعنى اللَّفِّ والنَّشرِ المرتَّب: أنك إذا أتيت بالحكم عائداً على ما سبق، فإن كان على ترتيب ما سبق؛ فهو مرتّب، وإن كان على خلافه؛ فهو غير مرتَّب؛ ويُسمَّى «مشوَّشاً».
مثال غير المرتَّب: قوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106]، ثم قال: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ} [آل عمران: 106]، فبدأ بحكم الثاني قبل الأول.
ومثال المرتَّب: قوله تعالى: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هود: 105]، {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ} [هود: 106]، فبدأ بحكم الأوَّل .....
وقوله: «ثم كُلِّفَ وطَهُرَت؛ قَضَوها». كيف قال: «قَضَوها» وقد قال قبل ذلك: «إن أدرك مكلَّف من وقتها»، وقال: «ثم حاضت» ولم يقل: قضياها؟ لأنَّ المراد بالمكلَّف هنا الجنس، أو العموم؛ لوقوعه بعد الشَّرط، فلهذا صَحَّ أن يعود الضمير على اثنين مجموعاً. «قَضَوها»، أي: قَضَوا تلك الصَّلاة.
مثال الحائض: امرأة حاضت بعد أن غربت الشَّمسُ، وبعد أن مضى مقدار تكبيرة الإحرام، فنقول لها: إذا طَهُرْتِ وجب عليك قضاء صلاة المغرب، وأما صلاة العشاء فلا يلزمها قضاؤها، لأنَّه أتى عليها الوقتُ وهي حائضٌ.
مثال المكلَّف الذي زال تكليفُه: إنسان بعد أن غربت