الآلة الكالة، وتأليم الحيوان لمصلحة الإنسان وارد في الشرع، فهذا الرجل يكوي إبله يسمها، وغنمه يسمها أيضاً، مع أنها تتألم بهذا، لكن لمصلحته، خوفاً من ضياعها، أو اشتباهها بماشية غيره مثلاً، وهذا الرجل يُهدي الإبل، أو البقر فيشعرها، والإشعار هو أن يجرحها في سنامها حتى يسيل الدم؛ ليعرف أنها هدي، مع أن في هذا إيلاماً لها، لكنه للمصلحة الشرعية في ذلك.
قوله: «وأن يَحُدَّها والحيوان يبصره» أي: يحد الآلة، وجملة «والحيوان يبصره» هذه جملة حالية يعني والحال أنه يبصره؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر أن تحد الشفار (?)، وأن توارى عن البهائم (?)، فأمر بأمرين:
الأول: حد الشفرة، يعني سنَّها.
الثاني: أن توارى عن البهائم حال حدها، وفي غير هذه الحال أيضاً، حتى إذا أتيت لتذبحها لا تُظْهِرْ لها السكين، بل وارها عنها إلا عند الذبح، كما نص على ذلك الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ، وهذا ظاهر الحديث «وأن توارى» ـ يعني الشفرة ـ عن البهائم؛ لأنها تعرف ربها ـ سبحانه وتعالى ـ، وتسبح بحمده، وتعرف الموت، ولهذا تهرب، حتى إن بعض الإبل إذا رأت بعيراً