كل عيب ونقص، وهذا فيما بيننا وبينه، فنجري عليه في الدنيا أحكام الكفر، أما فيما بينه وبين الله ـ عزّ وجل ـ فإنه على نيته، فإذا كان صادقاً في توبته فالله ـ عزّ وجل ـ يجزيه بما يستحق.

وظاهر كلام المؤلف أنه لا فرق بين أن يكون الكافر أصلياً، أو مرتداً، أي: أن من سب الله، ولو كان كفره أصليّاً فإنه لا تقبل توبته، ولكن هذا الظاهر غير مراد؛ لأن كثيراً من الكفار الذين أسلموا كانوا يسبون الله، كما قال الله تعالى: {وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} [الأنعام: 108]، ويدل لذلك أيضاً أن المؤلف ذكر هذا في باب أحكام المرتد، فالظاهر أنه أراد الذي ارتد بسب الله، بخلاف الكافر الأصلي فإننا نقبل توبته.

والصحيح أن من سب الله ـ عزّ وجل ـ إذا علمنا صدق توبته فإنه تقبل توبته، ويحكم بإسلامه، لعموم قوله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53]، فهذه الآية أجمع العلماء على أنها في التائبين، فإذا علمنا صدق توبته فإننا نقبل توبته، ونقول: بارك الله فيك، ونشجعه على إسلامه، وعلى وصفه ربه ـ عزّ وجل ـ بما هو أهله من صفات الكمال، ويكون ذلك السب والعيب قد زال، ويدل لذلك أيضاً قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ *} {لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً} [التوبة: 65، 66]، ولا عفو على مثل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015