«لو أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم ما قبلت» صريح في أنه سيعصي النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولكن إذا علمنا أنه قال ذلك من باب المبالغة، يعني أن أغلى ما عندي، وأوجب من يجب عليَّ قبول شفاعته من الناس هو الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ وعلى ذلك لو جاء ما قبلت شفاعته، فإنه إذا قالها من باب المبالغة فإنه لا يحكم بأنه يجب أن يستتاب، فهناك فرق بين من يقصد معناها، ويقول: لو جاء الرسول ما قبلت، وبين من يريد المبالغة؛ ولكن لو جاء الرسول فعلاً لكان يقبل، فهذا لا يظهر أنه يستتاب؛ لأنه لم يُرِدْ رَدَّ قول النبي صلّى الله عليه وسلّم، بل أراد تعظيم الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ.

قال: «ومن ارتد عن الإسلام من الرجال والنساء، وهو بالغ عاقل مختار دعي إليه ثلاثة أيام، وضيق عليه، وحبس، فإن تاب، وإلا قتل بالسيف؛ إلا رسول الكفار، إذا كان مرتداً بدليل رسولي مسيلمة، ولا يقتله إلا الإمام، أو نائبه حراً كان المرتد، أو عبداً، ولا يجوز أخذ فداء عنه، وإن قتله غيره بلا إذنه أساء وعُزِّر، ولم يضمن، سواءٌ قتله قبل الاستتابة أو بعدها، إلا إن يلحق بدار حرب فلكُلٍّ قتلُهُ وأخذُ ما معه من مال».

إذاً المرتد مباح الدم لقول النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث؛ الثَّيِّب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة» (?)، ولكن ليس كل أحد يتمكن من قتله، بل قَتْلُهُ إلى الإمام، وبهذا نعرف أن الأمور الموكولة إلى ولاة الأمور لا يجوز التعدي فيها؛ لأنه يحصل بذلك فتنة وشر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015