وقوله: «أو جحد بعض كتبه» والذي نعرف من الكتب التوراة، والإنجيل، والزبور، وصحف إبراهيم وموسى، والقرآن، هذه نعرفها بأعيانها، ولكن مع ذلك نؤمن بأن كل رسول معه كتاب، كما قال الله تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} [البقرة: 213]، وقال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 25] لكن منها ما لا نعلمه، وإن كنا نعلم الرسل لكن لا نعلم الكتب التي أرسلت معهم، فالمهم أن من أنكر شيئاً من الكتب، أو أنكر بعضها فهو كافر.
قوله: «أَوْ رُسُلِهِ» أي: جحد بعض رسله، وكذبهم فإنه يكون كافراً مرتداً عن الإسلام؛ لأن الواجب علينا أن نؤمن بجميع الرسل ـ عليهم الصلاة والسلام ـ ما علمنا منهم وما لم نعلم {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} [غافر: 78]، ومن لم يقصصهم الله علينا فإننا لا نعلمهم، فالواجب علينا أن نؤمن بالجميع {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} [البقرة: 285] يعني من حيث الإيمان، فنؤمن بهم جميعاً.
والرسل أولهم نوح وآخرهم محمد صلّى الله عليه وسلّم، أولهم نوح لقوله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى