فوق عشرِ جلدات إلا في حد، والحد أدناه ثمانون، وهو حد القذف، وعلى هذا فلا يجوز أن نزيد على عشر جلدات.

وقال بعض أهل العلم: بل يجوز الزيادة على عشر جلدات، وعشرين، وثلاثين، وأربعين، ومائة، ومائتين، وألف، وألفين، بقدر ما يحصل به التأديب؛ لأن المقصود تقويم الاعوجاج، والتأديب، وإزالة الشر والفساد، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

ونحن رأينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عزر بما هو أعظم من عشر جلدات، وإذا كان كذلك فإنه يجب أن يحمل قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «إلا في حد من حدود الله» أي: في محرم من محارمه؛ لأن حدود الله تطلق على الواجبات، وعلى المحرمات، وعلى العقوبات، فقوله: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا} [البقرة: 229] هذه الواجبات، وقوله: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا} [البقرة: 187] هذه المحرمات، وتطلق أيضاً على العقوبات المقدرة شرعاً وهو واضح.

وإذا كان التعزير والتأديب، وكان لا يتأدب هذا الفاعل للمعصية إلا بأكثر من عشر جلدات، فحينئذٍ إما أن نقول: لا نزيد، وتكون هذه الجلدات عبثاً؛ لأنها جلدات لا تفيد، والشرع لا يأمر بالعبث، بل لا يأمر إلا بما فيه المصلحة والحكمة، وإذا كان هكذا فإنه يجب أن يحمل كلام الرسول صلّى الله عليه وسلّم على ما فيه المصلحة، وعلى ما له معنى مستقيم، ويحمل الحد في الحديث على الحدود الحُكْمية، التي هي إما ترك واجب، وإما فعل محرم، فيصير المعنى أننا لا نؤدب أحداً على ترك مروءة مثلاً فوق عشرة أسواط.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015