«هل ماعز فيه جنون؟»، قالوا: لا، إنه من صالِح رجالنا في العقل، ثم قال: «هل شربتَ الخمر؟»، فقال: لا، حتى إنه أمر رجلاً أن يستنكهه (?)، أي: يشم رائحته، وهذا يدل على أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم كان عنده بعض الشك في إقرار هذا الرجل، وأراد أن يستثبت، ويؤيد هذا أن قصة العسيف ليس فيها إلا أنه قال: «إن اعترفت فارجمها» (?)، والفعل المطلق يصدق بالواحد، وكذلك قصة اليهوديين اللَّذَيْنِ زنيا، فإن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أمر برجمهما (?) ولم يذكر أنهما كرَّرا الإقرار، وكذلك الغامدية أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم برجمها ولم يذكر أنها كرَّرت الإقرار، حتى إنها قالت: يا رسول الله، تريد أن تُرَدِّدَنِي كما رددت ماعزاً؟! (?).
وهذا القول أرجح أن تكرار الإقرار أربعاً ليس بشرط، لا سيما إذا كان الأمر قد اشتهر كما في قصة العسيف؛ لأن هذه القصة قد اشتهرت؛ لأن أبا العسيف ذهب يسأل الناس ما الذي عليه؟ فقيل له: إن على ابنك مائة شاة ووليدة، فافتداه بذلك حتى حصلت المخاصمة إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، وقضى بينهما بكتاب الله، فعندنا قولان في المسألة:
الأول: أنه شرط.
الثاني: أنه لا يشترط التكرار في الإقرار.
ولكن القولين يتفقان في أنه إذا قام عند الحاكم شبهة، فإن الواجب التأكد والاستثبات.