وقوله: «ولا يحفر للمرجوم في الزنا» هذا هو المشهور من مذهب الحنابلة، أنه لا يسن الحفر له، وهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم على حسب اختلاف الروايات فيها، فالروايات الواردة عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ مختلفة، فمنها ما يدل دلالة صريحة على أنه لا يُحفر للمرجوم حيث ذُكر نفي الحفر، ومنها ما يدل على أنه يُحفر له، ومنها ما هو محتمل، لم يذكر فيه هذا ولا هذا، ومن ثَمَّ اختلف العلماء.
فالذين قالوا: لا يحفر، قالوا: لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يحفر للمرأة التي زنا بها أجير زوجها، بل قال لأنيس: «واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها» (?) ولم يأمره بالحفر لها، وعدم الأمر في وقت الحاجة يدل على عدم الوجوب؛ لأن الحاجة داعية إلى ذكره لو كان واجباً، فلم يقل: اغد إليها فإن اعترفت فاحفر لها وارجمها، ولأنه صلّى الله عليه وسلّم لم يحفر لليهوديين اللذين زنيا، حيث زنا رجل يهودي بامرأة يهودية، ثم ارتفعوا إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم ليحكم بينهما، وكان الحد الرجمَ في التوراة، لكن لما كثر الزنا في أشرافهم، قالوا: لا يمكن أن نرجم أشرافنا، إذاً ماذا نصنع؟ قالوا: نسوِّد وجوههما، ونطوف بهما على القبائل، أو ما أشبه ذلك مما يؤدي إلى الخزي والعار، فلما قدم النبي صلّى الله عليه وسلّم المدينة ووقع الزنا من رجل منهم وامرأة، قالوا: اذهبوا إلى هذا الرجل ـ يعنون النبي صلّى الله عليه وسلّم ـ لعلكم تجدون عنده شيئاً، فأمر