فديته أُجرته، وإن نزل تبرعاً فعليك ضمانه، ولكن هذا لا أصل له، ولا فرق بين الأمر وبين الاستئجار، إذا كان الأمر ليس فيه إكراه أو غيره.

قوله: «أو غيره» أي: لو استأجره غير السلطان، فلو استأجرت إنساناً أن يصعد لك شجرة، أو أن ينزل بئراً، فهلك فإنه لا ضمان عليك؛ لأنه فعل ذلك برضاه واختياره.

وبهذا نعرف خطأ تلك القوانين التي قُنِّنَت في بعض الدول، أن العامل لدى الشركات يكون مضموناً بكل حال، حتى لو كان بالغاً عاقلاً مختاراً، وحتى لو كان غير مغرور، بأن عرف عمله وخطره إن كان فيه خطورة، فهذا حكم طاغوتي مخالف لحكم الشريعة، ولا يجوز العمل به، ويجب أن يحكم فيه بمقتضى شريعة الله، فيقال: إن هذا العامل غير مضمون؛ إلاَّ إذا كان مكرهاً على العمل فيكون مضموناً.

فإن قلت: أليس هذا قانوناً دولياً عاماً؟

الجواب: لا، بل القانون الدولي العام هو قانون الله ـ عزّ وجل ـ، وليس لأحد من عباد الله أن يُقنِّن في عباد الله ما ليس في شريعة الله، فالحكم لله ـ عزّ وجل ـ وحده، كما قال تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ} [يوسف: 40]، فأي إنسان يشرع قوانين تخالف شريعة الله فقد اتخذ لنفسه جانباً من الربوبية، وشارك الله ـ تعالى ـ فيما هو من خصائصه، فلا أحد يحكم في عباد الله إلاَّ بما اقتضاه شرع الله، وعلى هذا نقول: إن القانون الدولي العام، والشعبي الإفرادي هو قانون الله عزّ وجل، الذي شرعه لعباده،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015