على صاحبه، ولها أمثلة كثيرة، ويستثنى من سراية الجناية ما سيأتي وهو ما إذا اقتص المجني عليه قبل البرء فهنا لا تضمن السراية، مثاله: قطع إصبع رجلٍ عمداً، فطلب المقطوع إصبعُه أن تقطع أصبع الجاني وأصر وألح، فإنها إذا قطعت في هذه الحال ثم سرت الجناية فإنها تكون هدراً، كما ستأتي المسألة قريباً إن شاء الله.

قوله: «وسراية القود مهدورة»، القود أي: القصاص، فلو اقتصصنا من الجاني ثم سرت الجناية فإنها هدر، أي: لا شيء فيها؛ لأننا نقول: أنت المعتدي، فلا شيء لك.

وهذا الضابط مبني على قاعدة عند أهل العلم وهي «ما ترتب على المأذون فليس بمضمون»، وهنا القود مأذون فيه، فإذا استقدنا من هذا الرجل، وقطعنا يده ثم سرى القود، فقد ترتب هذا على شيء مأذون فلا يكون مضموناً، ويستثنى من هذا الضابط ما إذا اقتص منه في حالٍ يخشى فيه من السراية، مثل أن يكون في شدة حر، أو في شدة برد، أو إنسان فيه داء السكري، فإن هذا في الغالب لا يبرأ، ويخشى فيه السراية، فإذا كان كذلك، قال أهل العلم: إن السراية في هذه الحال تكون مضمونة؛ لأنها مترتبة على شيء غير مأذون فيه، فإن قلت: هو مأذون فيه في الأصل؟ فالجواب: لكنه في هذه الحال ليس مأذوناً فيه، فيكون عليه الضمان.

قوله: «ولا يقتص من عضو وجرح قبل برئه»، «من» بدلية، أي: ولا يقتص بدل عضو وجرح، و «من» تأتي للبدل، ومثالها قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلاَئِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ} [الزخرف:60] فـ {منكم} هنا بمعنى بدلكم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015