يأكل قبلك، فهذا لا بأس به، أما شيء من نفسك فلا يمكن؛ لأن غاية ما هنالك في باب الإيثار أنك آثرته بنفع شيء خارج، أما أن تؤثره بإعطائه شيئاً تنقصه من بدنك فلا.

الثَّالِثُ: اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الصِّحَّةِ وَالكَمَالِ، فَلاَ تُؤْخَذُ صَحِيحَةٌ بِشَلاَّءَ، وَلاَ كَامِلَةُ الأَْصَابِعِ بِنَاقِصَةٍ، وَلاَ عَيْنٌ صَحِيحَةٌ بِقَائِمَةٍ، وَيُؤْخَذُ عَكْسُهُ وَلاَ أَرْشَ.

قوله: «الثالث: استواؤهما في الصحة والكمال، فلا تؤخذ صحيحة بشلاَّء» أي: الثالث من شروط القصاص في الطرف.

والمراد بالاستواء ألاّ يكون طرف الجاني أكمل من طرف المجني عليه، وعلى هذا فلا يخلو من ثلاث حالات:

الأولى: أن يكون طرف الجاني أكمل، وهذا هو موضوع البحث.

الثانية: أن يكون طرف المجني عليه أكمل، فهنا يؤخذ طرف الجاني بطرف المجني عليه.

الثالثة: أن يكونا سواءً، بأن يكون طرف الجاني وطرف المجني عليه صحيحين أو معيبين، وعلى هذا فقول المؤلف ليس بدقيق، والتعبير الدقيق أن يقول: «أن لا يكون طرف الجاني أكمل من طرف المجني عليه» فإذا كان طرف الجاني أكمل فإنها لا تقطع بيد المجني عليه، فإذا كان المجني عليه يده مشلولة ويد الجاني سليمة، فإنه لا تؤخذ يد الجاني بيد المجني عليه؛ وذلك لتفاوت ما بين اليدين، فيد المجني عليه معطلة المنفعة ويد الجاني سليمة المنفعة، فلم تستويا، فلا يثبت القصاص؛ لأن يد الجاني أكمل، وهذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم، ومنهم المذاهب الأربعة، وحكاه بعضهم إجماعاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015