وقوله: «إلى بلد بعيد» وهو عندهم الذي يبلغ مسافة القصر، احترازاً مما دون ذلك، فيقول المؤلف: الحضانة لأبيه إذا كان لبلد بعيد ليسكنه وهو وطريقه آمنان.
مثال ذلك: كان الزوج والزوجة في مكة فطلقها، وكان بينهما طفل فالحضانة للأم، فإن أراد الأب أن يضر بالأم، فسافر إلى المدينة ليسكنها من أجل أن يأخذ الطفل فنقول: لا حق له متى علمنا أن الرجل إنما سافر من أجل الإضرار بالأم، أما إذا علمنا أنه أراد أن يتحول من مكة إلى المدينة لغير غرض الإضرار فإن الحضانة تكون في هذه الحال للأب ويسقط حق الأم، وهذا من المسقطات؛ وعلة ذلك أن بقاءه بعيداً عن أبيه يؤدي إلى ضياعه؛ لأن الأم قد لا تقوم بواجب التأديب، فالأب أحق به حتى ولو كان رضيعاً فيأخذه، ويستأجر له من يرضعه، لكن كما سبق بثلاثة شروط:
الأول: أن يكون سفره بعيداً.
الثاني: أن يكون سفره للسكنى، لا لحاجة تعرض، ثم يرجع.
الثالث: أن يكون البلد وطريقه آمنين، فإن كان مخوفاً فلا يجوز المخاطرة بالطفل.
والشرط الرابع على ما اختاره شيخ الإسلام رحمه الله ألاّ يقصد بسفره الإضرار بالأم، فإن قصد الإضرار فلا حق له في الحضانة، لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا ضرر ولا ضرار» (?)، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «من