قوله: «مشقاً» المُشق هو الذي يبلغ به المشقة والتعب، ولكن قال:

«كثيراً» وأما أصل المشقة فلا بد منها، لكن أن يكون مشقاً كثيراً لا يطيقه ويتعب منه، فهذا لا يجوز، والدليل قوله صلّى الله عليه وسلّم: «للمملوك طعامه وكسوته، ولا يكلف من العمل ما لا يطيق» (?)، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «ولا يكلف» يجوز الرفع على الاستئناف، ويجوز بالنصب بتقدير (أن).

وفي قوله صلّى الله عليه وسلّم: «ولا يكلفه من العمل ما لا يطيق» دليل على أنه يجوز أن يكلفه من العمل ما يطيق، فلو أمره أن يفعل شيئاً، كأن يكلفه أن يحرث مثلاً، فقال المملوك: لن أفعل، أنا لا أعرف إلاّ الخياطة، تريدني أن أخيط سأفعل، أما أن أحرث فلا، فهل له أن يلزمه؟ نعم، فإن قال له: خُطْ، وهو لا يعرف إلاّ الحراثة، فهنا يجب عليه أن يخيط، والمسؤولية على السيد، فإن خاط خياطة سيئة فلا شيء عليه.

قوله: «وإن اتفقا على المخارجة جاز» المخارجة مأخوذة من الخراج، ويقال: الخرج، وهو الرزق، قال تعالى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ} [المؤمنون: 72]، والمخارجة هي أن يتفق السيد والرقيق على شيء معلوم، يدفعه الرقيق كل يوم، أو كل أسبوع، أو كل شهر لسيده، فهذا جائز، ولكن بشرط أن يكون ذلك القدر من كسبه فأقل، فإذا كان هذا الرقيق يكسب كل يوم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015