تعالى قال: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَآسَّا}، وعلى هذا فيجوز له أن يقبلها، ويضمها، ويخلو بها، ويكرر نظره إليها، إلا إذا كان لا يأمن على نفسه، فحينئذٍ تكون له فتوى خاصة بالمنع، وإلا فالأصل الجواز، وهذا القول أصح؛ وذلك لأن الله تعالى حرم التماس وهو الجماع، فأباح ما سواه بالمفهوم، لكن لو كان الرجل يعلم من نفسه ـ لقوة شهوته ـ أنه لو فعل هذه المقدمات لجامع فحينئذٍ نمنعه، ونظيره الصائم يحرم أن يجامع، ويجوز أن يباشر، والحائض يحرم وطؤها وتجوز مباشرتها، فالمهم أنه ليس هناك دليل أنه متى حرم الجماع في عبادة حرم دواعيه.
قوله: «ولا تثبت الكفارة في الذمة إلا بالوطء» لأنه شرط وجوبها، وأما الظهار فسبب، والسبب إذا كان مشروطاً لا يثبت إلا بوجود الشرط، كالزكاة، سبب وجوبها ملك النصاب، وشرط الوجوب تمام الحول، فلو تلف المال قبل تمام الحول فليس فيه زكاة، كذلك هذه المرأة لو ظاهر منها ثم طلقها فهل تجب عليه الكفارة؟ ما تجب عليه الكفارة؛ لأنه ما وجد شرط الوجوب وهو الجماع، ولهذا قال المؤلف: «ولا تثبت الكفارة في الذمة إلا بالوطء» فلو مات الرجل قبل أن يطأ، أو ماتت المرأة قبل أن يطأها، أو فارقها قبل أن يطأها، لم تجب الكفارة.
فإن قال قائل: أليس قد وجد السبب وهو الظهار؟ قلنا: بلى، لكن هذا السبب مشروط، يشترط لوجوبه الوطء، ولكن لا يجوز الوطء إلا بعد إخراجها، فالإخراج شرط لحل الوطء، وليس شرطاً لثبوتها في الذمة، ولهذا قال المؤلف: «ولا تثبت في الذمة إلا بالوطء».