وأمَّتُك» (?)، وهذا فضلٌ عظيم من الله عزّ وجل بالنِّسبة لهذه الأمَّة، ولا نجدُ عبادةً فُرضت يوميًّا في جميع العُمر إلاَّ الصَّلاة، فالزَّكاة حَوليَّةٌ، والصِّيام حَوْليٌّ، والحَجُّ عُمْريٌّ.
قوله: «تجب»، أي: الصَّلاة، والمراد بالوجوب هنا أعلى أنواع الوجوب وهو الفريضة. وهي في الدِّين في المرتبة الثانية بعد الشَّهادة بالتَّوحيد والرِّسالة، فالإسلام: شهادة أنْ لا إله إلاَّ الله؛ وأنَّ محمَّداً رسول الله، وهذه واحدة، وإِنَّما صارت هاتان الجملتان واحدة؛ لأنَّ كلَّ عبادة لا بُدَّ فيها من إِخلاص تتضمَّنه شهادةُ أنْ لا إله إلاَّ الله، ومتابعةٍ تتضمَّنه شهادةُ أنَّ محمَّداً رسول الله، فلهذا جعلهما النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم شيئاً واحداً. والمرتبة الثَّانية هي الصَّلاة، فهي من أعلى أنواع الفرض.
فقول المؤلِّف: «تجب»، قد يقول قائل: إنَّ فيه شيئاً من القُصُور؛ لأنَّك لو قلت عن كبيرة من الكبائر: تَحرمُ، لهوَّنْتَ من أمرها، فإذا قلت في مثل الصَّلاة: تجب، قد يقول قائل: إنَّ في هذا شيئاً من التَّهوين بأمرها؟ ولكنَّنا نقول: إنَّ المؤلِّف أراد أن يُبيِّن جنسَ حُكم هذه الصَّلوات، وأنَّها ليست من النَّوافل أو التَّطوعات، بل هي من جنس الواجب.