ويحمد نفسه عندها، ويجعل نفسه فوق الناس، في المال والكمال والأخلاق والدين، وهو من أفجر الناس وأرذل الناس، فتنخدع، فكان من الحكمة أن لا تتزوج إلا بولي.
فصار النظر مع الأثر يقتضي أن لا يصح النكاح إلا بولي، وهذا هو الذي عليه عامة أهل العلم وجمهور الأمة، أنه لا بد في النكاح من ولي، وأنه لا يصح بدون ولي أبداً، ويستثنى من ذلك النبي صلّى الله عليه وسلّم فإن له أن يتزوج بدون ولي، وله أن يتزوج مع وجود الولي لقوله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: 6] كما أن له أن يتزوج بالهبة بدون صداق.
وذهب أبو حنيفة ـ رحمه الله ـ إلى أن الحرة المكلفة تزوج نفسها بدون ولي، وقال: إن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ يقول: «الثيب أحق بنفسها من وليها» (?).
ولكن هذا القول ضعيف، والحديث الذي استدل به ليس معناه أنها تزوج نفسها، بل معناه أنها لا تُزوج حتى تستأمر، ويؤخذ أمرها ويبين لها الأمر واضحاً جلياً، فلا يُكتفى بنظر الولي في حقها، بل لا بد أن تستأمر ويبين لها الأمر على وجه واضح.
والذي حملنا على ذلك هو الحديث الذي ذكرناه: «لا نكاح إلا بولي»، وقد صححه أحمد وغيره، وعلى هذا فالصحيح أنه لا بد من الولي.