لأنها بكر، ولو كانت بالغة عاقلة ذكية، تعرف ما ينفعها وما يضرها، وعقلها أكبر من عقل أبيها ألف مرة؛ ودليلهم أن عائشة بنت أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ زوجها أبوها النبيَ صلّى الله عليه وسلّم وهي بنت ست، وبنى بها الرسول صلّى الله عليه وسلّم وهي بنت تسع سنوات (?).
فنقول لهم: هذا دليل صحيح ثابت، لكن استدلالكم به غير صحيح، فهل علمتم أن أبا بكر ـ رضي الله عنه ـ استأذن عائشة ـ رضي الله عنها ـ وأبت؟!
الجواب: ما علمنا ذلك، بل إننا نعلم علم اليقين أن عائشة ـ رضي الله عنها ـ لو استأذنها أبوها لم تمتنع، والنبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ خيَّرها مثل ما أمره الله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَِزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً *}، أي: بلطف وحسن معاملة وشيء من المال، {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا *} [الأحزاب].
فأول من بدأ بها عائشة ـ رضي الله عنها ـ وقال لها النبي عليه الصلاة والسلام: «استأمري أبويك في هذا وشاوريهم»، فقالت: يا رسول الله أفي هذا أستأمر أبواي؟! إني أريد الله والدار الآخرة (?)، فمن هذه حالها لو استؤذنت لأول مرة أن