فأطلق النكاح، وعلى هذا فكل ما سمي نكاحاً عرفاً فهو نكاح، ولم يقل: فانكحوا ما طاب لكم من النساء بلفظ الإنكاح أو التزويج، ولا قال: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ} بلفظ الإنكاح أو التزويج، فلما أطلق العقد رجعنا في ذلك إلى العرف.
ولو أننا قلنا: إن التعبير بالمعنى معناه التقيد باللفظ لقلنا أيضاً: البيع لا ينعقد إلا بلفظ البيع؛ لأن الله يقول: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275]، وكان كل ما ذكره الله بلفظ، قلنا: لا بد فيه من هذا اللفظ، مع أنهم يقولون: إن البيع ينعقد بما دل عليه عرفاً حتى بالمعاطاة.
ومن السنة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أعتق صفية ـ رضي الله عنها ـ وجعل عتقها صداقها (?).
فلما رأوا أن هذا دليل قالوا: تستثنى هذه المسألة، فقالوا: لا بد أن يكون بلفظ الإنكاح أو التزويج، إلا إذا أعتق أمته، وجعل عتقها صداقها.
دليل آخر من السنة: قصة المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلّى الله عليه وسلّم وقد ثبت في صحيح البخاري (?) أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ملكتكها بما معك من القرآن»، وهذا نص صريح، فأجابوا عنه بأن أكثر الروايات: «زوجتكها بما معك من القرآن» (?).