لكن مراده إذا اشتدت شهوته في بلد يتيسر فيه الزنا، أما إذا لم يتيسر فهو وإن اشتدت به الشهوة لا يمكن أن يزني، فإذا خاف الزنا لوجود أسبابه وانتفاء موانعه، صار النكاح في حقه واجباً دفعاً لهذه المفسدة؛ لأن ترك الزنا واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
وقال بعض أهل العلم: إنه واجب مطلقاً، وأن الأصل فيه الوجوب؛ لأن قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج»، اللام للأمر، والأصل في الأمر الوجوب، إلا أن يوجد ما يصرفه عن الوجوب، ولأن تركه مع القدرة عليه فيه تشبه بالنصارى الذين يعزفون عن النكاح رهبانيةً، والتشبه بغير المسلمين محرم، ولما يترتب عليه من المصالح العظيمة واندفاع المفاسد الكثيرة، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ولكن لا بد من شرط على هذا القول وهو الاستطاعة؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قيد ذلك بالاستطاعة فقال: «من استطاع منكم الباءة»، ولأن القاعدة العامة في كل واجب أن من شرطه الاستطاعة.
والقول بالوجوب عندي أقرب، وأن الإنسان الذي له شهوة، ويستطيع أن يتزوج فإنه يجب عليه النكاح، ولكن المشهور من المذهب هو ما ذكره المؤلف.
ومتى يباح؟ يباح لمن لا شهوة له إذا كان غنياً؛ لأنه ليس هناك سبب يوجب، ولكن من أجل مصالح الزوجة بالإنفاق عليها وغير ذلك.
فإن قصد بذلك إعفاف الزوجة وتحصين الفرج كان مسنوناً