أن أعدها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت» (?)، فهذا دليل على أن الكتابة يجوز أن تكون بحالٍ إذا كان من غير العبد، أما من العبد فهذا متعذر؛ لأنه لا يملك.
قوله: «في ذمته»، أي: ذمة العبد؛ لأنه لا يمكن أن تقع على عين إذ إنه ليس له مال، فصار لا بد أن يكون مؤجلاً في الذمة.
ثم بيَّن المؤلف حكم الكتابة فقال:
«وتسن مع أمانة العبد وكسبه»، أفادنا المؤلف أن الكتابة سنَّة إذا كان العبد أميناً قادراً على التكسب، فإن لم يكن أميناً، بأن كان يخشى من عتقه أن يذهب إلى الكفار، ويكون معهم على المسلمين، أو خشي أنه إذا عتق سعى في الأرض فساداً، فهنا لا تسن الكتابة؛ لأنه ليس بأمين، ولأن العتق هنا يفضي إلى شر، ودرء المفاسد أولى من جلب المصالح.
ويشترط ـ أيضاً ـ قدرته على التكسب، فإن كان عاجزاً عن التكسب كما لو كان زَمِناً، أي: لا يستطيع أن يكتسب ولا يسعى، فهنا لا تسن الكتابة، ودليل هذا قوله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33]، قال المفسرون: أي صلاحاً في دينهم وكسباً.
وقوله: «تسن»، هذه المسألة فيها خلاف، إذا علم السيد في عبده خيراً وطلب منه العبد الكتابة، فالمؤلف يرى أن كتابته سنة، ودليل ذلك أن الله أمر به فقال: {فَكَاتِبُوهُمْ}، وتعليل كون الأمر للندب لا للوجوب أن العبد ملك للسيد، ولا يجبر الإنسان على إزالة ملكه إلا إذا تعلق به حق الآدمي.